إن مفتاح تحديد هذا المصطلح، هو الحذر اللغوي (فقه) الذي يدل بعامة على العلم بالشيء، وهو مشتق من الشق والفتح، فيكون "فقه اللغة" من هذا المنطق، علم اللغة والغوص إلى دقائقها وغوامضها وهو ما أكده عنوان الكتاب بقسميه (الأول والثاني): فقه اللغة وسر العربية. هذا الكتاب واحد من كتب قليلة جداً شُغلت بلغة العرب وأساليبهم، ومأثورهم البياني، وخصوصيات البناء والصياغة والاشتقاق، وسائر معهودهم في استخدام اللغة، أداة راقية منظورة لحمل أرقى الرسالات الإنسانية في الدين والدنيا.
أما أهمية هذا الكتاب، فمن نافل القول إثبات ذلك أو الخوض فيه، لأنه واحد من كتب قليلة جداً عالجت هذا الشأن اللغوي الدقيق، نفد فيه مؤلفه إلى لباب اللغة ولطائفها من غير عنت آو تعقيد، أو تنظير منفر يستحوذ على القواعد والقيود دون الجواهر، كما هي الحال في بعض مسائل النحو ومدارسة وقواعده وعلله.
غاص أبو فيصور على معاني اللغة وآدابها وأساليبها، فاجتنى منها الدرر الغوالي وخاض في تقليباتها وتصريفاتها، وأبحر في أديم أسمائها وأوصافها، ودقائق الأشياء ومعالمها، فبلغ التخوم، والنهايات، تخوم الإعجاز، ونهايات البلاغة التعبيرية الرصينة التي يقبل عليها الباحث، والأديب، والعالم والفنان، فيجد كل منهم ضالته وبغيته، محققاً فيه قول أبى عثمان الجاحظ في كتابه "الحيوان".