يتضح في هذا الكتاب ومن الصفحات الأولى أن أيكهارت نول واحد من المعلمين الكبار، رغم أنه لا يتبع ديانة محددة، ولا يتمسك بأي تعاليم ولا يقلد معلماً آخر، إلا أن عقيدته قد ضمت روح ووجدان جميع العقائد والديانات، ولا تتناقض مع أي منها سواء أكانت المسيحية أو الإسلام أو حتى البوذية والهندوسية والديانات البدائية... إنه يصنع ما صنعه كبار المعلمين يشرح لنا بكلمات واضحة وبسيطة أن الطريق والحقيقة والتنوير موجودون بداخلنا. يكمن جوهر الوجود في الحياة التي تستمر وفق طبيعة واحدة، تجسدها مليارات الأشكال التي قد تظهر وتختفي، تولد وتموت. لكن الوجود وبوصفه المعنى الأكثر عمقاً وأزلية ولا مرئية، لا يتواجد فقط خارج الأشكال الحياتية التي يتحداها، بل يتواجد كذلك في أعماق كل شكل من هذه الأشكال. هذا يعني أن إدراك هذه الحقيقة متاح لكل واحد منا. وذلك بوصفها المعنى الأعمق للأنا الشخصية. لكن لا تحاول أن تدركها بعقلك فحسب، ذلك أنه عندما يكون عقلك في حالة من الهدوء والتوازن، وعندما يتركز كامل إنتباهك وبأقصى درجاته على اللحظة الحالية، يمكن أن تحس بجوهر الوجود، ولكن لا يمكن أن تدركه عقلياً. الرجوع إلى إدراك جوهر الوجود والتواجد في حالة الإحساس – الإدراك، هذا هو التنوير.