يحوي هذا الكتاب تصور شامل للحضارة المصرية القديمة ونشأتها وأبرز مقومات هذه الحضارة هى الأخلاق أو الضمير، وقد أثبت بريستد أن ضمير الإنسانية بدأ فى التشكل فى مصر قبل أى بلد فى العالم
، وذلك منذ نحو 5000 عام. أما مترجم هذا الكتاب المذهل الدكتور سليم حسن عميد الأثريين المصريين – صدرت الترجمة سنة 1956 – فيقول فى تقديمه عن فجر الضمير إنه كتاب «يدلل على أن مصر أصل حضارة العالم ومهدها الأول ، بل فى مصر شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، فنشأ الضمير الإنسانى بمصر وترعرع، وبها تكونت الأخلاق النفسية، وقد أخذ الأستاذ بريستد يعالج تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية إلى أن انطفأ قبس الحضارة فى مصر حوالى عام 525 قبل الميلاد»ّ.
يلاحظ بريستد بذكاء أن «الإنسان صار أول صانع للأشياء بين مخلوقات الكون كله قبل حلول عصر الجليد، والأرجح أن ذلك كان من مليون سنة.. وقد صار فى الوقت نفسه أول مخترع للأسلحة، وعلى ذلك بقى مليون سنة يحسّن هذه الآلات/ الأسلحة.. ولكنه من جهة أخرى لم يمض عليه إلا أقل من خمسة آلاف سنة منذ أن بدأ يشعر بقوة الضمير إلى درجة جعلته قوة اجتماعية فعالة». اتكأ بريستد فى كتابه البديع على فكرة مدهشة، وهى أن الإنسان ظل يصارع أخاه الإنسان، وكل القوى المادية – وحوش/ رياح/ أعاصير/ فيضانات إلى آخره – طوال مليون سنة طور خلالها أدواته، ومن ضمنها السلاح.. هذا السلاح كما يقول المؤلف بدأ «بالبلطة» وانتهى بالقنابل الذرية والقذائف المدمرة، فإذا كان الإنسان من مليون سنة يستطيع تحطيم رأس إنسان آخر بهذه «البلطة»، فإنه الآن يقدر أن يبيد الآلاف من البشر بقنبلة واحدة فى ثوان معدودات! أما الأخلاق ورقيها، فقد بدأت تتشكل منذ 5000 سنة فقط على ضفاف نهر النيل فى مصر.